.
الأزمة
اسـم الكتـاب : ســيرة حيــاتى – جـزءان .
المـــؤلــف: د . عبـد الرحمــن بــدوى .
المصـــــدر: مجـلة وجهات نظر-مارس2000
-----------------------------------------------
يروى الدكتور عبد الرحمن بدوى فيما يصل إلى ست وستين وسبعمائة صفحة من القطع الكبير مشواره الأكاديمى والفلسفى ورحلة حياته داخل مصر وخارجها ، والعلاقات التى ربطته برموزها وأعلامها .
يبدأ الدكتور .بدوى من تاريخ الميلاد .. 4/2/1917 بقرية شرباص مركز فارسكور ، محافظة دمياط ، فى أسرة لها من الأبناء واحد وعشرون ابنا وابنة ..
يحصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية ..ويلتحق بالمدرسة السعيدية الثانوية بالجيزة ..ثم يلتحق بكلية الآداب ويحصل على الليسانس فى مايو 1938 ..ويستمر فى مواصلة مشواره الأكاديمى ويسجل لرسالة الماجيستير حول مشكلة الموت فى الفلسفة الوجودية ، ثم يعين معيدا بقسم الفلسفة فى كلية الآداب بجامعة القاهرة ..وفى عام 1944 يقدم رسالته للدكتوراه حول "الزمان الوجودى" .. قال الدكتور طه حسين عنه بعد المناقشة : لأول مرة نشاهد فيلسوفا مصريا .
يعمل بالتدريس فى جامعة القاهرة التى يغيرها بجامعة عين شمس بعد إنشائها ، ويعين مستشارا ثقافيا لمصر فى سويسرا من فبراير 1956 إلى فبراير 1958 . ويسافر إلى ليبيا بناء على طلب تقدم به للعمل فى جامعتها فى بنغازى من سبتمبر 69 إلى مايو 1973 ، ويعود إلى مصر فى الثامن من مايو ، ويبقى فيها حتى السابع من يوليو 1973 . ويسافر إلى باريس ليستقر بها .
تتضمن " السيرة " آراء الدكتور بدوى فى رموز عصره بأسلوب يصدم القارئ لما يتضمنه من هجوم جارح على كل تلك الرموز فى مصر خلال القرن العشرين من ساسة وكتاب وأدباء ومفكرين ورجال دين ، فيتحدث مثلا عن الشيخ محمد عبده ، فيتهمه بأنه كان صديق كرومر وبأنه مصلح دينى مزعوم ..يكتب ضد محمد على رأس الأسرة العلوية ، بمناسبة مرور مائة سنة على توليه حكم مصر ، وأنه ضئيل الإنتاج الفكرى ليس له إلا رسالة التوحيد التى لا تفيد سوى المبتدئين .
وعندما يتكلم عن الدكتور طه حسين ، يتناسى ما قدمه الأخير له من قبل من فرص حينما كان عميدا لكلية الآداب ، فيقول عنه : " كان يبلغ رجال البوليس عن زعماء الطلبة المعارضين فى كلية الآداب ، مستعينا فى ذلك ببعض الجواسيس المتزلفين إليه من الطلاب ".
وعن العقاد يقول : " طول حياته كان مأجورا لحزب من الأحزاب " ، بل إنه يعترف بتحريضه لعضوين من اعضاء ( مصر الفتاة ) للتربص للعقاد وضربه جزاء له على مقالاته التى تهاجمهم !! برغم ما فى ذلك من سلوك فاشى لا ينطوى على أية بطولة ، بل هو عودة لشريعة الغاب والبقاء للأقوى .
يتناول أيضا العديد من الشخصيات ، نذكر منها سعد زغلول ، مصطفى النحاس ،توفيق الحكيم ، زكى نجيب محمود ، السنهورى ، جمال عبد الناصر وثورة يوليو وموقفه الصريح ضدها ، رغم قبوله لعضوية لجانها والمشاركة فى عملها .
يقول الأستاذ يوسف القعيد فى مقاله :
إن الناس بالنسبة لعبد الرحمن بدوى نوعان : إما قدموا له خدمات أو لم يقدموا ، وربما تنافسوا معه . وموقفه من الجميع واحد ..هو الهجوم مع اختلاف فى درجاته و إن جميع الذين يهاجمهم بضراوة من الأموات ، والموتى لا يردون ، أما الأحياء فكلامه عنهم مخفف بدون حدود ، والموت له حرمة فى العرف المصرى العام ، وأنا لا أطالبه بذكر محاسن هؤلاء الموتى ، ولكن على الأقل أن يكون منصفا ، وخاصة أنه مشتغل بالفلسفة ومن المفترض أن يكون لديه منهج من أجل الوصول إلى الحقيقة .
إن الأسماء التى داس الدكتور بدوى على إنجازاتها بقدمه ، لها دور هام فى صياغة العقل والقلب والضمير المصرى والعربى فى القرن العشرين. ولا يمكن محو أدوار هذه الأسماء بجرة قلم ، إن ضخامة ما قام به كل منهم يتطلب التفرقة بين الخاص والعام من أدوارهم ، كما أن معظم هذا الهجوم "عنعنات" ، كلام يقال نقلا عن .عن.عن. إلى آخر هذه الدائرة الجهنمية .
كــلمة أخـــــيرة :
إن هذا الهدم المنظم لرموز هذه الأمة ، وإهالة التراب عليها ، يوصلنا إلى المحنة التى نعانى منها الآن ، وهى غياب القدوة وانتهاء المثل الأعلى فى نظر الأجيال الشابة ، الذين يتكون وجدانهم الآن ومنهم سيخرج من يحكم هذا البلد فى الزمن القادم ، ومن سيصنع لمصر فنها وأدبها واقتصادها وأمنها وعلومها .